أقلام مشبوهة في الفكر العربي الحديث

 

الدكتور علي سعيد هصيص

تكمن أهمية الكتاب في أنه يسلط الضوء على مشاهير وكتاب لا نعرف عنهم إلا أنهم وطنيون او قوميون او قامات معرفية كبيرة، ولكن عندما ندقق في سيرتهم والمراحل الزمنية التي عاشوا فيها نصاب بالدهشة في أن بروزهم وشهرتهم لم تكن عن عبث حيث كان لغيرهم أولوية الشهرة، ولكن عندما تتجلي الأسباب يذهب عنك ما أصابك من العجب العجاب.

يشير الكاتب في بداية كتابه إلى اللعب في المفاهيم والمعرفة والتغيير المتعمد لها، وهو ما يعرف بتهويد المعرفة - وهذا حقيقة - كما في كتاب يحمل نفس هذا العنوان كما ذكرنا في مقالة سابقة للشاعر والكاتب السوري ممدوح عدوان.

 

بين كتابين:

الكتاب الأول لجورج أنطونيوس وهو( يقظة العرب)، يقول الدكتور هصيص: ما معناه أن المديح للكاتب والكتاب ليس في محله أبداً فأنطونيوس لم يتخذ جانب الموضوعية والحياد في بعض المواطن حتى يصل به الأمر حد الشتم والتحقير لمن لا يوافق هواه ويعني هنا السلطان عبدالحميد الثاني. فالقارئ يخرج في النهاية بخلاصة مفادها أن الكتاب يتحدث عن خيبة العرب وليس يقظتهم ونهضتهم، إذ أن الأمر لا يعدو عن كونه محاربة للإسلام وإبعاد منهجه عن حركة الحياة ومحوه من نفوس الناس وهذا يمثل لأنطونيوس اليقظة، وهذه اليقظة الوهمية انطلت على الكثيرين ممن ساروا في طريق أنطونيوس وأمثاله.

الكتاب الثاني للدكتور محمد محمد حسين وهو (الاتجاهات الوطنية في الأدب الحديث) حيث تجد في الضد الواضح في الحكم على المفردات فما كان يمدحه أنطونيوس يذمه الدكتور حسين والعكس بالعكس.

 

جمال الدين الأفغاني:

يتحدث أنطونيوس عن الأفغاني بإعجاب إذ يرى أنه يريد تطبيق الدين الإسلامي تطبيقاً يلائم مقتضيات العصر وإحياء الإسلام إحياء شاملاً. أنطونيوس الذي تعاطف مع اليهود بإقامة كيان لهم في فلسطين. أما محمد حسين فيقول أن جمال الدين الأفغاني هو أحد دعائم الماسونية في مصر، وقد ضم إليه تلاميذ مقربين وعلى رأسهم محمد عبده وأديب اسحق كما ضم عدداً من الكبراء والوجهاء منهم ولي العهد توفيق باشا، فجمال شخصية مريبة فهو يمثل الماسوني المتستر بستار الدين. وعنه يقول مصطفى فوزي غزال: بقي جمال الدين إحدى عشرة سنة يتنقل بين عواصم الاستعمار لندن وباريس وبطرسبرغ ويجتمع مع رجال مشبوهين أمثال بلنت الداعي إلى هدم الخلافة الإسلامية وكاتكوف صاحب جريدة موسكو.

 

من الفصل الثاني:

ومن التحولات المشهودة في تاريخ الأدب ظهور المذهب الرومانسي الذي يعطي جل اهتمامه للفرد وكان ظهوره بعد الثورة الفرنسية، وما أكثر من كتب في هذا المذهب، وفي شعار الحرية والإخاء والمساواة وهو شعر الماسونية المعروف. وقد لعب التيار الرومانسي دوراً مهماً في الفكر العربي ودس فكرة التوجس من علماء الدين والمؤسسات الدينية الرسمية ودفع إلى البحث عن ديانة طبيعية بسيطة قائمة على الضمير الفردي كما عند أمين الريحاني وجبران خليل جبران ثم ميخائيل نعيمة ومحمود المسعدي.

وهناك جماعات أدبية ارتبطت بالمذهب الرومنسي ودعت له وهجر القديم الكلاسيكي ومنها:

حلقات إسكندر العازار: ومن الأدباء سليمان البستاني وشبلي الملاط ووديع عقيل وإميل تقي الدين ونقولا فياض ونقولا رزق زسليم عازار وبشارة الخوري.

مدرسة الديوان: وضمت كلاً من عباس محمود العقاد وإبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري.

الرابطة القلمية في المهجر: ومن مؤسسيها جبران خليل جبران ( المتهم بالماسونية ) وميخائيل نعيمة.

مدرسة أبولو: ومؤسسه الماسوني أحمد زكي أبو شادي ومن أعضائها على محمود طه وأبو القاسم الشابي.

عصبة العشرة: ومن أبرز أعلامها إلياس أبو شبكة والشيخ خليل تقي الدين وفؤاد حبيش وميشال أبو شهلا.

العصبة الأندلسية: في أمريكا الجنوبية.

 

غوته:

الشاعر الرومانسي الألماني وكان ذا ثقافة شرقية وميالاً إلى المعرفة والثقافة الإسلامية وله كتاب الديوان الشرقي. وقد كان غوته ماسونياً وحيث أنه لم يجد ضالته فيها فهجرها وقد كان معجباً بالإسلام وتعاليمه.

 

المعجم الوسيط:

وهو من أكثر المعاجم العربية استخداماً ولننظر في بعض الكلمات:

الصهيونية: حركة تدعو إلى إقامة مجتمع يهودي مستقل في فلسطين، وهي نسبة إلى جبل قرب أورشليم يسمى صهيون. وهنا نجد أن أصحاب المعجم لا يذكرون أنها حركة سياسية أو دينية أو عنصرية ولم يقل دولة يهودية مع أن فلسطين محتلة قبل صدور هذا المعجم 1960م. ويقول أورشليم وليس القدس.

أما مادة قدس فيقول أنها أورشليم وهو الاسم الذي يعتمده اليهود في تسمية القدس. ويعرف المعجم مادة أقصى بقوله الأبعد والجمع أقاص ولا يذكر المسجد الأقصى. وفي تعريفه لكلمة هيكل يقول المعجم: الهيكل هو البيت الضخم المقدس يشيده اليهود لإقامة الشعائر الدينية وقد يكون المقصود هو هيكل سليمان المزعوم وقد اكتفى بالتلميح حتى لا يكون فضيحة.

أمين الريحاني المشبوه والمتأمرك. أحمد زكي أبو شادي الماسوني المحترف. مارون عبود الماسوني المحترف. حليم دموس الماسوني المتكرس، نجيب عازوري الماسوني المتفرنس، جورجي زيدان الماسوني المتمرس، علي عبد الرازق..

وهناك أقلام مشرقة: خير الدين الزركلي وعمر فروخ وخليل الشيخ..

 

في الفصل الثالث: شعراء وآراء ومواقف ومنهم أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، خليل مطران.

الصالونات الثقافية النسائية في مطلع القرن العشرين، جهالات الحداثيين وشماعة الدين.

ولم يغفل الكاتب بعض أفلام ومسلسلات الكرتون التي تدس السم في العسل وتروج للماسونية.

الكتاب مهم وهو متوفر على الانترنت بصيغة pdf .